عيناك ملجأى
أفقٌ تسامرَ مع الشفق الرهيب ..
صمت يذوب به الغروب ويتنائى بين مغيب مغبر
يزول.. ويزول
وتترقبه الأنظار .. وتنوء نفسى معها
وأعود الى عينيكِ أشكو ذلك الصمت العجيب ...
ثوران يعقبه صمت شجونى ..
حدث يتلوه حدث.. وخبرٌ يعقبه خبرٌ ..
وأحداث يشيب منها الطفل الفطيم ..
ويبقى لعينيك نظرات كإشراقة شمس ومغيب ...
اناسٌ تركناهم البارحة بين الحقيقة والخيال ..
بين محال ومحال ..
أخذتهم الخطفة الأولى ..
ثم كتبناهم فى دهاليز الذاكرة ..
ومشينا خطوات فى كبدٍ تمادينا فى تلك الحياة الواهية ..
تتخبط النفس بذاتها وتجاهلها لقمم جباه المشيب ...
حياة خبط عشواء تصيب وتخيب ..
وحياة بها الأموات نتركهم ونغيب ..
قداستهم إنتهت ..
كرامتهم إختفت ..
هــــل تشتكى الأرض كما أنها من قبل إشتكت ؟!!!
ويبقى لعينيكِ قطرات دمع وذلك الحرق اللهيب ...
مات الشهيـــد .. مات الشهــيد ..
تركوه ملقا على الأرض وحيــــد ..
أكتضت الأرض بالموتى .. رفاتاً.. رفاتا ..
ماعادت الأرض تحمل جثمان الشهيد ...
تحت شجرة الزيتون .. شهيد
تحت شجرة الليمون .. شهيد
تحت جذع النخل .. شهيد
من دمك تنضج ثمار الشجر نضيد ..
من دمك يتغذى رعاعنا ..
من دمك يعيش الشيخ والوليد ..
وأعـــود الى عينيك ملتجاً أبحث عن طبيب ...
رحماك ربى رحماك ..
كم وجدنا من النساء الثكالا ؟! ..
كم رأينا من أيتام ؟! ..
كم تركنا من بقايا؟! ..
نفطٌ أسودٌ يحترق .. وسهمٌ مالى يخترق ..
وكلٌ فى فلك يسبحـــــون ..
يأكلون ويحبون وهم لاهون ..
يأكلون التراث أكلا لما ..
ويحبون المال حباً جما ..
تطاردهم أشباح الأموات ..
تفتنهم فنون وأصوات ..
تترفهم أموال وأموالا... سكارا وماهم بسكارا ..
وأعود الى عينيك هارباً ..
من زمنٍ نعيبه وهو منـــا يعيب ...
أصمتى يا سيدتى .. لا تتكلمى ..
دعى العينان تتكلم عنكِ ..
قد كان نساء قبلك يَصحن .. يستغثن ..
وقد كان هناك رجال يستجيبون لَـَــكُن ..
لكن اليوم أشباه الرجال عنكِ لا تُجيب ...
لأجل هذا رحلت بمخدعى و بين عينيكِ ملجأى..
أذوب ببعض قطراتٍ من دمعـــك المحزون ..
لأجل هـــذا عقدت حزنى بطرف رمشك الذابل ..
ورحلت عن واقع مؤلم لفقدنا الســـر المكنون ..
خبئينى يا سيدتى بأهداب عينيكِ ..
كى أصبر صبرك .. وأنظر من نافذة بصركِ ..
فأنا هارب من برد الظنون ...
خبئينى قبل أن يضيع منى مبدأى ..
خبئينى وأغلقى تلك الحواس الكئيبة عن واقعى ..
وأغلقى من عيني ناظرى .. وأغلقى من أذنىَ مسمعى ..
فأنا مازلت فى بياتٍ أبدى ..
محصورٌ بين تلك الظنـــون وكرامتى و مبدأى ...
لأجل هــــذا لم أجد فى الكون مخبأ إلا بحذقاتِ عينيكِ ملجــــأى ...